تفسير احلام القباري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمةsanta كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
الريحانه
الريحانه
مديره عامه
مديره عامه
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 2203
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي Empty كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي

الإثنين 24 مايو - 0:17:19
كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي 364401
البدر المنير في علم التعبير
وشرحه
تأليف
الإمام الشهاب العابر المقدسي الحنبلي
628 – 697 هـ
قال الشيخ ، الإمام ، العالم ، العامل ، الصدر ، الكبير الكامل ، الفاضل البارع ، الحافظ المتقن ، حجة المحققين ، ولسان المتكلمين ، قدوة السالكين ، بقية السلف الصالح : شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن شيخ الإسلام جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة بن سلطان بن سرور المقدسي الجعفري ، قدس الله روحه ، ونور ضريحه .
الحمد لله حق حمده ، وصلواته على خير خلقه ؛ محمد وآله وصحبه . حمداً وصلاة ينجيان كل عبد من عذاب ربه .
وبعد : فإنه ندبني جماعة إلى جمع مقدمة في علم المنام فأجبتهم إلى ذلك ، ولقبتها بـ » البدر المنير في علم التعبير « ، وجعلتها بلغة للمبتدي ، وبلاغاً للمنتهي ، ينتفع بها المتعلمون ، ويرتفع بها المعلمون ، جعل الله ذلك خالصاً لوجهه الكريم ، وأنقذنا بفضله من عذابه الأليم .
اعلم - وفقنا الله وإياك – أن معرفة التأويل تحتاج أولاً إلى معرفة حقيقة
النوم ؛ ما هو santa! ثم تعرف تفسير ما يُرى في المنام . وقد ذكرتُ ذلك أولاً ، ثم ابتدأت بذكر الله تعالى ، والملائكة ، والأنبياء عليهم السلام ، ثم ذكرتُ السموات والأرض ، ومن فيهن ، ثم كذلك ؛ حتى أتيت إلى الجنة والنار ، وما يدلان عليه . وقد ذكرتُ – قبل أبواب المقدمة – أربعة عشر فصلاً.
ولم أترك شيئاً – من القواعد الشاملة لهذا العلم مما قاله العلماء ؛ أو رُزقتُ الاجتهادَ فيه – إلا ذكرتُهُ . على اختلاف الملل والأديان ، والأعصار والبلدان.
وجعلت الأبواب خمسة عشر باباً وهي :
الباب الأول ... : ... في رؤية الباري جل وعلا ، والملائكة ، والأنبياء عليهم السلام ، والصديقين ، والصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين .
الباب الثاني ... : ... في رؤية السماء ، وما فيها ، وما ينزل منها ، وما يطلع إليها .
الباب الثالث ... : ... في الحوادث في الجو .
الباب الرابع ... : ... في الأرض ، وأشجارها ، وجبالها ، وسَهْلِهَا ووعْرِها ، وما يتعلق بها .
الباب الخامس ... : ... في مياه الأرض .
الباب السادس ... : ... في الحيوانات .
الباب السابع ... : ... في الأكل والذبائح .
الباب الثامن ... : ... في الأبنية وما تصرف منها .
الباب التاسع ... : ... في الملابس .
الباب العاشر ... : ... في الصنائع والصُّنَّاع .
الباب الحادي عشر ... : ... في الأدوات المستعملات .
الباب الثاني عشر ... : ... في رؤية بني آدم .
الباب الثالث عشر ... : ... في أعضاء ابن آدم ، وما يحدث منه .
الباب الرابع عشر ... : ... في الموت والنزاع .
الباب الخامس عشر ... : ... في الساعة وأشراطها .
قال المصنف رحمه الله : لما أن كان الملك – في اليقظة – بين يديه أعوان ؛ يتصرفون بأمره في وقت حضوره ، ولم يقدروا على الوقوف دائماُ بلا أخذ راحة – ولا يليق أن يتصرفوا لأخذ الراحة وهو جالس ؛ ربما حدث حادث في وقت غيبتهم ، أفضى إلى الفساد – فحجب نفسه فاستراح ، واستراحت الأعوان ، وجعل في وقت غيبته حرساً على الأبواب ؛ لئلا يحدث حادث في وقت غيبتهم ، وما يمكن للحرس ]أن[ يتركوا مواضعهم ؛ ويطلعوه على الحادث ، خوفاً من حدوث حادث في وقت غيبتهم ، فجعل عليهم من يسمع منهم ما يقولوه. والآخر ما يمكنه الغيبة لئلا يطلبوه وقت غيبيته لحادث آخر فما يجدوه فما يفيد – فاحتاج إلى كبير متوصل ؛ يوصل ذلك إلى الملك إذا جلس ، فإذا انتهى إليه مثلاً ؛ أن جماعة بالمكان الفلاني سرقوا ؛ وفلان قام قاتلهم ودفع شرهم ، نظر الملك رأيه فيهم ، فيأمر بقتل بعضهم ، أو قطعه ، أو صلبه ، أو سجنه ، ونحو ذلك. ويأمر بإكرام المدافع لهم على ما يليق به من الكرامة. ولما كانت الروح المدبر في البدن ؛ كالملك في البلد ، وبين يديه أعوانُُ : السمع ، والبصر ، والنطق ، واليدان ، والرجلان – وليس لهم طاقة السهر دائماً – لأنه يقل السمع والبصر والنطق – فأرسل الله تعالى النوم راحة لأولئك كما ذكرنا. وأقام الأنفس الثلاثة – كما في اليقظة – للملك. فإذا استيقظ الروح المدبر ؛ أملى عليه المنام ؛ أني رأيت كأنني آكل حلواً من إناء
مليح ، فيقول له الروح المدبر : هو للمريض بالحرارة ردىء. لكون ذلك لا يوافق مرضه. ويقول للصحيح – إن كان ملكاً - : ملك بلداً كبيراً. ولمن دونه : ستتولى مكاناً مليحاً. ولطالب العلوم : تبلغ مرادك منها . وللعازب : ستزوج امرأة
حسناء . ونحو ذلك. وإن كانت الحلاوة ردية ؛ فعكس ذلك .


الفصل الأول
في هيئة المنام
اعلم أن النوم رحمة من الله على عبده ؛ ليستريح به بدنه عند تعبه. لما علم الله عز وجل عجز الروح عن القيام بتدبير البدن دائماً .


[center]فالنوم هو : أبخرة تحيط بالروح المدبر للبدن ؛ فتحجبه عن التدبير ، وما هو في المثال إلا كالملك – إذا حجب نفسه عن تدبير مملكته ليستريح وتستريح أعوانه في وقت حجبه – ومن الحكمة جعل الله تعالى – حين غيبة الروح المدبرة – ثلاثة أنفس قائمة ؛ فالأولى : النفس المخيلة. أشبه شيء بالمرآة ، لتخيل كل شكل يواجهها . وجعل أمامها نفساً حافظة تحفظ ما تصوره المخيلة. وجعل نفساً موصلة توصل ذلك إلى الروح المدبرة – إذا انكشف الحجب عنها – ليتصرف فيه على ما يرى . وما جعل الله تعالى النوم كذلك إلا من لطفه وحكمته ، لأن حال اليقظة ما يمكن أن الإنسان يعرف ما يحدث في الوجود كل وقت إذ لو كان ذلك كذلك ، لتساوى الناس بالأنبياء عليهم السلام .
الفصل الثاني
والرؤيا على قسمين : صحيح ، وفاسد :
فالصحيح : ما كان من اللوح المحفوظ وهو الذي تترتب عليه الأحكام(1).
القسم الثاني : الفاسد : الذي لا حكم له . وهو خمسة أقسام :
الأول : حديث النفس : وهو أن يحدث الإنسان نفسه في اليقظة شيئاً ، فيراه في المنام . وكذلك العادة .
قال المصنف : إنما ابتدأت بذكر الفاسد لقلته. فإذا عُرف علم أن ما سواه هو الصحيح. وقد ذكر جماعة أن الفاسد هذه الأقسام وزادوا عليها : السَّحَرة ، وبعث الشياطين ، ونحو ذلك. وليس بصحيح(2) .
والذي ذكرته غير مختلف فيه . وفي معرفته كفاية .
قال المصنف : كل واحد من الأقسام الفاسدة إذا رؤي مع زيادة ؛ فإن كانت الزيادة من جنس الفاسد فلا حكم لها ، وإن كانت من غير جنسه فاترك الفاسد وتكلم في الزيادة(3) .
القسم الثاني : يكون من غًلًبة الدم. وهو أن يرى الحمرة الكثيرة ، أو الأشياء المضحكة ، أو الملهية .
القسم الثالث : يكون من غلبه الصفراء . كمن يرى شيئاً أصفر كثيراً ، أو شموساً ، أو نيراناً ، ولا يعقل شيئاً.
القسم الرابع : وأما ما يكون من غلبة السوداء . كمن يرى كثرة الدخاخين ، أو الخُسَف ، أو سواد ، أو نحو ذلك .
القسم الخامس : يكون من غلبة البلغم . كمن يرى أمطاراً ، أو غيوماً ، أو مياهاً ، أو بياضاً ، ونحو ذلك ولا يعقل شيئاً .
الفصل الثالث
في أنواع الرؤيا
أنواع الرؤيا أربعة :
أحدها : المحمودة ظاهراً ، وباطناً. كالذي يرى أنه يكلم الباري عز وجل – أو أحد الملائكة ، أو الأنبياء عليهم السلام – في صفة حسنة ، أو بكلام طيب . وكمن يرى أنه يجمع جواهر ، أو مآكل طيبة. أو يرى كأنه في أماكن العبادة مطيعاً لربه عز وجل. ونحو ذلك .
قال المصنف : لما أن كانت الرؤيا لا يعرف جيدها من رديها إلا الخبير بهذا الشأن ، فبينت للمعلم أن لا يلتفت على ما اعتقدته النفس خيراً لفرحها به حين الرؤيا. ولا أن ذلك ردياً لكونها فزعت منه. بل يعتمد على الذي ينبغي في أصول هذا العلم على ما بيناه إن شاء الله تعالى (4).
النوع الثاني : محمودة ظاهرًا ، مذمومة باطناً. كسماع الملاهي ، أو شم الأزهار. فإن ذلك همومًا وأنكادًا. أو كمن يرى أنه يتولى منصباً عالياً – لا يليق به – فهو رديء.
قال المصنف : لما كان سماع الملاهي غالباً لذهاب الهموم – وشم الأزهار فيه إلا أنه عقيبه – كان ذلك ردياً. وأيضاً : من كون ذلك يحتاج إلى نفقات وكلف – ولا ثمرة لذلك يرجعون إليه في مقابلة ما أنفقوا – كان غرامة بلا فائدة ؛ فأعطى النكد. وأيضاً : فإن الأزهار غالباً تطلب لأصحاب الأمراض ؛ فأعطى النكد وأيضاً. لأن كل ما هو مرصد لشيء ، كان إعلاماً بوجود ذلك . وربما دلوا على الفرج .
__________
(1) يقصد المصنف الرؤيا التي تكون وحيًا من الله عز وجل ؛ إذ أن الرؤيا الصادقة جزء من النبوة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : - فيما أخرجه البخاري - " الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءً من النبوة " ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : " لم يبق إلا المبشرات " أي الرؤى الصالحة ".
(2) نفي المصنف صحة ذلك يستدعي النظر إذ أن الصواب أن الرؤيا التي تكون بعثًا من السحرة ، أو رؤيا شيطان لا حكم لها لكذبها ، ولأنها في الأصل تكون لتخويف الرائي وتقنيطه وحثه على الشر والفساد ، لذا وجب إلحاقها بالقسم الفاسد.
(3) إذ يمكن للرائي أن يرى جزءً صالحًا ثم تدخل عليه أضغاث الأحلام ، أو يتلاعب الشيطان به في بقية الرؤيا لإفسادها عليه ، فحينئذ ينبغي تأويل الجانب الصالح للتأويل فقط ، مع الانتباه إلى وجوب عدم التسرع في الجزم بكون الرؤيا فاسدة المعنى والرموز لعدم العلم بمعانيها كما فعل خلصاء العزيز في قصة يوسف عليه السلام عندما قالوا : ( أضغاث أحلام ) وكانت الرؤيا صالحة المعاني ، وشاء الله تحققها.
(4) فيمكن لإنسان أن يكون محبًا للهو والأفراح مع أنها سيئة الدلالة ، فالموضوع لا يتوقف على حب النفس أو بغضها ، قد يكون ذلك صحيحًا في بعض الأحيان ، ولكنه لا يأخذ حكم الغالب .


[center]النوع الثالث : المذمومة ظاهراً ، وباطناً . كمن يرى حية لدغته ، أو ناراً أحرقته ، أو سيلاً غرقه ، أو تهدمت داره ، أو تكسرت أشجاره. فإن ذلك ردئ ، ظاهراً ، وباطناً ؛ لدلالته على الهم ، والنكد.
النوع الرابع : المذمومة ظاهراً ، المحمودة باطناً. كمن يرى أنه ينكح أمه ، أو يذبح ولده : فإنه يدل على الوفاء بالنذر ، والحج إلى أكبر أماكن العبادة ، وعلى أنه ينفع أمه ، أو يزوج ولده ، وعلى مواصلة الأهل والأقارب ، وعلى رد الأمانات(1).
قال المصنف : لما أن كان الوطء مواصلة ولذة بعد مودة ومؤانسة غالباً أعطى ما ذكرناه من الإحسان إلى من ذكرنا في موضعه. وكونه وطئاً محرماً بكل وجه أعطى – وطأه في البلد الحرام عليه ، ومشيه إليه – العزيز عنده كالكعبة عند الإسلام ، والقدس عند اليهود والنصارى ، وبيت النيران عند من يعتقده ، ونحو ذلك ، فافهم وقس عليه. وإنما دل ذبح الولد على ما ذكرنا قياساً على قصة الخليل عليه السلام .
الفصل الرابع
الغالب من الرؤيا المليحة أن يتأخر تفسيرها(2). وذلك من كرم الله تعالى يبشر بالخير قبل وقوعه ، لتفرح النفس بوصوله .
وربما يقدم تفسيره لأمر ضروري يحتاج إليه الرائي. مثلما ذكر جالينوس في كتاب » حيلة البروء « أن إنساناً ورم لسانه ، حتى ملأ فكّيه ، واستفرغ الأطباء ما في قدرتهم من المعالجة ؛ فلم ينفع. فتركوا معالجته. وسلّم الرجل نفسه للموت. فرأى في النوم شخصاً قال له : تمضمض بعصارة الخس. ففعل ذلك فبرئ.
والغالب من الرؤيا الردية : أن يراها قريب وقوعها ، أو بعد وقوعها ؛ لئلا يضيق صدره قبل ذلك. فإذا رأى أحد ذلك فاسأل ؛ هل جرى له شيء من الشر مما دل المنام عليه . فإن كان جرى قبله قليلاً فهو تفسيره ، وإلا فيجري.
قال المصنف : إنما قدم الله سبحانه وتعالى البشارة في المنام ؛ ليأمن الخائف ، ويرجو القانط ، ويفرح ذو الحزن ، ويفرج عن المهموم ، ونحو ذلك ؛ لأن الله تعالى إذا وعدنا بخير كان كما وعد سبحانه لا يرجع عما وهب. وإذا تواعد بالشر له أن يعفو أو يصفح. يمحو الله ما يشاء ويثبت. وهذا هو عين الكرم والفضل الذي يليق بجلاله سبحانه وتعالى.
الفصل الخامس
وربما كانت الرؤيا مختصة بالرائي وحده. كمن يرى أنه طلع إلى السماء ولم ينزل منها ، وكان مريضاً : مات. وإن لم يكن مريضاً : سافر. وإن كان يصلح للولاية : تولى ، أو دخل دور الأكابر. وإن كان من أرباب التهم : تلصص ، أو تجسس على الأخبار.
وربما كانت له ولغيره. كمن يرى أن ناراً أحرقت داره ، ودور الناس : فأمراض ، أو ظلم من الملك ، أو موت ، أو عدو ، أو فتنة تعم الجميع.
وربما لا تكون لمن رؤيت له ، لكن تكون لغيره من أولاده ، أو أبويه ، أو أقاربه ، أو معارفه المتعلقين به. كرجل رأى أن أباه احترق بالنار : فمات الرائي ، واحتراق أبوه بنار غمه. كآخر رأى أن أمه ماتت : فتعطلت معيشته. لأن أمه كانت سبب دوام حياته ، كالمعيشة. وكآخر رأى أن آدم مات : فمات أبوه. الذي كان سبب وجوده. وكمن رأى أن بصره تلف : فمات ولده الذي هو قرة عينه.
الفصل السادس
وربما دلت أشياء على شيء واحد. كرجل رأى أن الشمس انكسفت ورأى آخر كأن البحر نشف ، ورأى آخر البلد أو سوره ؛ أو موضع عبادته خرب ، ورأى آخر جبلاً عظيماً تهدم ، ربما دل الجميع على : موت كبير ، كملك ، أو عالم ، أو متولٍّ. فيكون تكرار ذلك دليلاً على موت أو هلاك من ذكرنا.
وربما دل الشيء الواحد على أشياء(3). فإن من أكل من المرضى رُمَّانة : مات. وهي للملك : بلده. وزوجة للأعزب. وهي لمن عنده حامل : ولد. وهي للتاجر : عقدُهُ مالٍ. وهي للفقير : دينار أو درهم. وهي : مركب ؛ لمن تصلح له المراكب. وتدل على : الدابة ، والمملوك ، وعلى الدور ؛ لأن حياتها بينهن حائل كالبيوت.
قال المصنف رحمه الله : إذا اشتركت أشياء في وصف واحد ؛ وتكررت في المنام ؛ الغالب أن يكون الحكم واحداً في الأشياء الردية. فإن الشمس ، والبحر ، والخيل ، والنار العظيمة ، والحجر الكبير ، والبناء المعد لنفع الناس ، كل منهم دال على : الجليل القدر النافع للناس ، والحاكم عليهم. فإذا نزل بمثل أولئك آفة في المنام الغالب أنه ربما هلك فرد إنسان كذلك. وإن هلك جماعة فخلاف العادة. وأما إذا رؤي فيهم ما يدل على الصلاح دل على راحة تحصل للجميع. وهو المناسب لكرم الله تعالى ولطفه بعباده.
الفصل السابع
__________
(1) وقد يكون دليلا على العقوق في أحيان أخرى وذلك خاضع لقرائن الرؤيا الأخرى ؛ إذ أن الرؤيا لا يجب أن توؤل منفصلة الرموز ، بل توؤل بانضمام كل رمز إلى الآخر.
(2) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها إنها من المبشرات ، والبشارة لا تكون إلا بشيء مستقبل.
(3) وذلك خاضع لقرائن الرؤيا كما أسلفنا ، فقد يوجد في الرؤيا رموز تدل على إيمان ، والأخرى تدل على نفاق ، فيحمل على أمر الرائي وصلاحه وفساده ، أو على غالب رموز الرؤيا.


[center]المنام الواحد يختلف باختلاف لغتين. كالسفرجل : عز وجمال وراحة ، لمن يعرف بلغة الفرس. لأنه بلغتهم : بَهِيَ. وهو للعرب ولمن يعاشرهم دال على : السفر ، والجلاء.
ويختلف باختلاف الأديان. كمن يرى أنه يأكل الميتة ، الميتة : مال حرام ، أو نكد عند من يعتقد تحريمها ، وهي رزق وفائدة عند من يعتقد حلها.
ويختلف باختلاف الزمان. فإن الاصطلاء بالنار والتدفي بالشمس ، وملابس الشتاء ، واستعمال الماء الحار ، ونحوه لمن مرضه بالبرودة ، أو في الزمن البارد : خير وراحة. وهو في الصيف : أمراض ، أو نكد. كما أن استعمال الرفيع من القماش ، أو الماء البارد ، ونحوه ، في الصيف : راحة وفائدة. وفي الشتاء : عكسه.
ويختلف باختلاف الصنائع. فإن لُبَس السلاح ، أو العُدَد ، للجندي البطال : خدمة. وللمقاتل : نصر. وللرجل العابد : بطلان عبادة. ولغيرهم : فتنة ، وخصومة.
ويختلف باختلاف الأماكن. فإن التعري في الحمام ، وفي المكان المعتاد فيه : جيد. للعادة. وهو في غيره من مجامع الناس : رديء ، وشهرة دونه. خصوصاً إن كان مكشوف العورة.
ويختلف باختلاف عادات الناس. فإن حلق اللحية ، أو الرأس ، عند من يستحسن ذلك : خير ، وذهاب نكد. كما أن ذلك : نكد ، وخسران ، عند من يكرهه(1).
ويختلف باختلاف المعايش ، والأرزاق ، فإن لبس القماش الوسخ ، أو المرقع ، أو العتيق ، للطباخين ، والوقادين ، وأمثالهم : دال على إدرار معايشهم ؛ لأنهم لا يلبسون ذلك إلا وقت معايشهم. وهو رديء في حق من سواهم. كما أن لبس النظيف : يدل على بطلان معيشتهم. لكونهم لا يلبسونه إلا أوقات بطالتهم.
وهو ، والرائحة الطيبة ، لغيرهم : رفعة ، وخير. وطيب قلب ، وثناء جميل ، في حق من سواهم.
ويختلف باختلاف الأمراض. فإن الحلاوات لأرباب الأمراض الحارة : طول مرض ، ونكد. وهو : جيد لأصحاب البرودات. كما أن الحامض ، لهم : جيد. ونكد لأصحاب البرودات.
ويختلف بالموت والحياة. فإن لبس الحرير ، أو الذهب : مكروه ، لمن لا يليق به من الرجال. وهو على الميت : دليل على أنه في حرير الجنة .
ويختلف باختلاف الفصول ؛ فإن الشجرة في إقبال الزمان : خير ، وفائدة مقبلة. وكذلك ظلها في زمن الحر. ويدل على النكد في غير ذلك.
قال المصنف : الشيء الواحد اعتبره باختلاف حال رائيه. فإن لبس الرفيع في الشتاء ، أو لمريض بالبرودة : نكد. وبالضد من ذلك في الصيف. ولأرباب الحرارة وللعزب : تزويج حسن هين لين. ولأرباب البنايات : أماكن حسنة ، ويدل على معاشرة من فيه خلق حسن. ولأرباب الأسفار : طريق سهلة. ولأرباب الحوائج : تيسير أمور. ولأرباب الخُرَاجات ، والقروح في البدن : عافية. ونحو ذلك. وبالعكس عكسه. فعلمنا بذلك أنه إذا أراه إنسان طرقاً ، أو رآه جماعة مختلفو الأحوال ، اختلف الحكم باختلاف الحال كما ذكرنا. والله تعالى أعلم. فافهم ذلك.
وإذا اشتركت أشياء في وصف واحد ، وتكررت في المنام ؛ الغالب أن يكون الحكم واحداً في الأشياء الردية.
واعتبر ألفاظ الناس بالنسبة إلى اصطلاح جنس الرائي. كما إذا دل البطيخ على النكد من بطاط أو خائن لاشتقاق ذلك. وهو عند بعض لغة الحجاز دال على النكد من محبة وعشرة ؛ لأنه بلغتهم حب حب. ونحو ذلك فافهم.
وإذا كان لأحد عادة بحلق رأسه أو لحيته وقد طالت في اليقظة – ولم يكن حدث نفسه بزوال ذلك – فهو دال من الخير على ما ذكرنا. ولو كان محلوقاً أو حدث نفسه بزواله فلا حكم له. كما أنها إذا كانت في اليقظة محلوقة ولم يكن أضمر بقاء الشعر دل على الدَّيْن والهموم والأمراض والكلام الردي. ونحو ذلك والعياذ بالله تعالى.
وحلق اللحية أو الرأس عند من يستحسن ذلك : خير وذهاب نكد. كما أن ذلك نكد وخسران عند من يكرهه.
وهذا الحكم أصل كبير. وهو مما يغفل عنه أكثر أرباب هذا الشأن. ولا يجوز إهماله أصلاً ، فإن أكثرهم حكم برداءة ذلك ، وليس بصحيح ، بل اعتبر ما ذكرناه من أحوال أولئك كما تقدم ، ولا تغفل عنه تخطئ. والله سبحانه وتعالى أعلم.
واعتبر الحلاوات على ما ذكرنا. واليابسة للصحيح إذا جرحت فاه ، أو كسرت شيئاً من أسنانه ، أو لوثت شيئاً من ثيابه ، أعطت الرداءة والنكد فافهم ذلك. وإنما كان الحامض ردياً لما ذكرنا ؛ لانقباض البشرية وتغيرها عند أكله ، ولنفور النفوس منه عند أكله خالياً عن غيره ؛ لأن مجرد الحامض لا يؤكل بلا واسطة إلا لضرورة. والحلو بخلافه ، فهو كالمر والملح لا يؤكل كثيراً إلا لضرورة أو بواسطة.
__________
(1) وكمن كانت عادته لبس السواد فإنه دال له على الرفعة والعلو وسيادة الناس وتحسن أمور معايشه ، والنقيض لمن لم يكن معتادًا على لبسه في اليقظة ودال على الهموم والأحزان والأوجاع ، وقد كانت الرؤيا لها دخل بعادات الإنسان ، لأنها إنما تعتبر تعبير عن الذات في أحيان كثيرة.

والشجرة في إقبال الزمان : خير وفائدة مقبلة. وإقبال زمان كل شجرة قرب انتفاع الناس بها فيما هي مرصدة له. فافهم جميع ما يمكن النفع فيها فذلك إقبال زمانها ، حتى إنك تقول لمن يريد الحطب عن الشجرة اليابسة : راحة مقبلة مُيَسّرة. ولمن يطلب ورقها كالتوت وقت ظهور الورق : فائدة مقبلة. ولمكن يطلب ثمرها : فائدة وقت ذلك على ما شرحناه في موضعه.
[/center]
[/center]
[/center]
roge
roge
عضو مرشح للاشراف
عضو مرشح للاشراف
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 4151
تاريخ التسجيل : 08/11/2009
تعاليق : زوجى واولادى هما كل حياتى

كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي Empty رد: كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي

الإثنين 21 يونيو - 8:14:34
تسلم ايدك
الله يعطيك العافيه
فى انتظار جديدك
اختك روجى
ملوكه
ملوكه
مشرفة منتدي الصحه والوقايه
مشرفة منتدي الصحه والوقايه
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 4218
تاريخ التسجيل : 30/05/2010

كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي Empty رد: كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي

الأحد 11 يوليو - 19:47:43
كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي M5znk-7297880ede
الاميره
الاميره
عضو جديد
عضو جديد
عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 09/01/2012

كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي Empty رد: كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي

الإثنين 9 يناير - 7:08:38
يسلموووووووو الله يعطيك العافيه
الاميره
الاميره
عضو جديد
عضو جديد
عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 09/01/2012

كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي Empty رد: كتاب : البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي

الإثنين 9 يناير - 7:08:49
يسلموووووووو الله يعطيك العافيه
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى